روائع مختارة | واحة الأسرة | عش الزوجية | الحقوق الزوجية

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > عش الزوجية > الحقوق الزوجية


  الحقوق الزوجية
     عدد مرات المشاهدة: 2849        عدد مرات الإرسال: 0

الأسرة المسلمة لَبِنات متماسكة بنيت على أساس قوي، وقاعدة متينة، ونتدارس في هذه الحلقة مع جذري الأسرة ونواتها وهما الزوج والزوجة اللذان نشأت علاقتهما في دين الله على أساس من المودة والرحمة، قال تعالى: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون} [الروم:21].

أيها القارئ الكريم: إن شأن الأسرة في الإسلام عظيم وأمرها كبير، فقد حدد الإسلام، وحدد العلاقة بين الرجل والمرأة، وبين وظيفة كل منهما، وفصل الحقوق المشتركة بينهما والواجبة على كل منهما، فالأسرة محل السكن والقرار، وهدوء النفس والبال، والراحة والإستقرار والأسرة مأوى الفرد وسكنه، في ظله تلتقي النفوس على المودة والرحمة، والحصانة والطهر، وكريم العيش والستر وفي ظل الأسرة تنشأ الطفولة، وتترعرع الناشئة، وتمتد وسائج القربى وتتقوى أواصر التكافل، وفي جو الأسرة تلتقي النفوس بالنفوس، وتتعانق القلوب بالقلوب، وفي ظل الأسرة تنمو الخصال الكريمة، وينشأ الرجال الذين يؤتمنون على أعظم الأمانات ويربى النساء اللاتي يقمن على أعرق الأصول، وفي محيط الأسرة يتخرج الأبناء والبنات، وتتعلم الذرية وتنمو الأخلاق والخلال الحميدة، وفي مدرسة الأسرة يتخرج العلماء الأفذاذ والمصلحون، والذين ينفعون أنفسهم ووالديهم ومجتمعهم.

هذا عامل من عوامل إهتمام الإسلام بالحقوق الزوجية، وعامل آخر أن العلاقة بين الزوج وزوجته علاقة مستمرة وطيدة وليست علاقة مؤقتة أو متقطعة تشوبها المصالح المادية أو الدنيوية، أو سريعة الزوال، بل هي علاقة مستمرة حتى بعد الممات، وعامل ثالث أن الأسرة نواة المجتمع، ونواة الأسرة الزوجان فإذا كان عاملي صلاح وتقى كان المجتمع كذلك بإذن الله تعالى، كان مجتمعاً صالحاً قوياً متماسكاً له شخصيته المتميزة، وصفاته المحمودة، يحمي نفسه ويهابه أعداؤه، ولا تتسلل إليه دعاوي المبطلين ودسائس المضلين، وعامل رابع مهم في تفصيل تلك الحقوق أن نوعية العلاقة بين الزوجين تختلف عن غيرها إذ عن كل واحد مهم يعرف ظروف الآخر وأسراره فإذا ما إختلت العلاقة بينهم نشر ما بينهما من مشكلات وخلافات فكان ذلك سبباً في تفكك الأسرة وإنحلال روابطها المتينة، ومن ثم يتسلل إليها كل سوء وشر، وتتعدى عدوى هذا السوء إلى المجتمع فيتأثر به، وأسرار الأسرة مصونة محفوظة إذا قام كل من الزوجين بما عليه من حقوق وواجبات.

لهذه الأمور وغيرها نظم الإسلام الأسرة أيما تنظيم، وفصل الحقوق والواجبات لتكون كل أسرة صالحة مستقيمة بإذن الله، تخرج الصالحين المستقيمين.

هناك حقوق مشتركة يشترك فيها كل من الزوج والزوجة، وهناك حقوق لكل منهما على الآخر، فأما الحقوق المشتركة على كلا الزوجين فهي:

[] العشرة بالمعروف: وهي ما يكون بين الزوجين من الألفة والوفاق، والإجتماع وحسن المعاملة، والمحبة والرحمة، قال تعالى: {وعاشروهن بالمعروف} [النساء:19]، قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحب ذلك منها فإفعل أنت بها مثله، وقال تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} [البقرة:228]، قال القرطبي رحمه الله: أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثال ما للرجال عليهن، وقال ابن عباس؟ رضي الله عنهما: أي لهن من حسن الصحبة والعشرة بالمعروف على أزواجهن مثل الذي عليهن من الطاعة فيما أوجبه عليهن من أزواجهن، وقال تعالى: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة:229]، وقال سبحانه: {وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف} [البقرة:231]، والمعروف: كلمة جامعة لمعاني الخير والأدب وحسن المعاملة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما صح عنه: «استوصوا بالنساء خيراً فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج» رواه البخاري ومسلم وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي» وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم ويوسع عليهم بالنفقة، ويضاحك نساءه، ويساعدهن في أمور المنزل ويشاركهن أعمالهن من الطبخ وغيره، وسيرته صلى الله عليه وسلم تطبيق عملي لتشريع الإسلام للعلاقة الوطيدة بين الزوج وزوجته الذي أشار إليه ربنا سبحانه وتعالى بقوله: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة} [الروم:21].

وعليه فليحرص كل من الزوج والزوجة على العشرة بالمعروف وأحيائها، وعمل ما يصلحها، والتغاضي عما يخدشها أو يفسدها.

وأن من أهم مقومات العشرة الطيبة:

أ= حسن الإختيار لكل من الزوج والزوجة لأن كلاً منهما سيكون شريكاً لآخر، وحسن الإختيار يتم بالنظر في المواصفات الشرعية التي حددها الإسلام في الرجل والمرأة وهي الدين، والخلق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن المرأة: «تنكح المرأة لأربع لمالها وجمالها وحسبها ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» رواه البخاري ومسلم وقال صلى الله عليه وسلم في شان الرجل: «إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير» رواه الترمذي وابن ماجه.

ب= إشاعة المحبة والرحمة في جو الأسرة، وأن تكون هي الشعار المرفوع للعلاقة بين أعضاء الأسرة بأكملهم، إبتداء بالزوجين.

ج= ومن عوامل العشرة بالمعروف قيام كل من الزوجين بالحقوق الواجبة عليه دون نقص أو خلل، إذا ما إجتهد كل منهما بتنفيذ الواجبات عليه كان هذا عاملاً للعشرة الحسنة في هذا الجو الأسري الكريم.

د= ومنها أيضاً صلاح كل منهما وقيامه بالواجبات الشرعية تجاه ربه سبحانه وتعالى، فإذا ما قويت العلاقة بين العبد وربه أضفت عليه جوا من الراحة والهدوء ووزن الأمور بميزانها الشرعي الصحيح.

هـ= ومنها أيضاً تطهير البيت من المنكرات والأخطاء والمنغصات التي تكون عامل تشويش، وسبباً تعكير الجو العائلي الذي يفسد على الأسرة بأكملها ما تعيشه من أمن وراحة وهدوء وإستقرار، لأن تلك المنكرات والأخطاء سبب لولوج الشيطان في البيت وما دخل الشيطان مكاناً أو إنساناً وتمكن منه إلا أفسد عليه دينه ودنياه.

بقلم: د. فالح بن محمد الصغير.

المصدر: مركز واعي للإستشارات الإجتماعية.